مواقع خالدة من باميان إلى تدمر
تحت الرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله والسيد إمنويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية وبدعم من اليونيسكو، تنظم مديرية الوثائق الملكية بتعاون مع متحف اللوفر ومجموعة المتاحف الوطنية والقصر الكبير معرضا تحت عنوان : “مواقع خالدة من باميان إلى تدمر، رحلة في قلب التراث الدولي”.
تأتي هذه التظاهرة الفريدة من نوعها لتستجيب لسياسة صاحب الجلالة الرامية إلى حفظ التراث المغربي وكذلك التراث الكوني الإنساني. ويدعم هذا المعرض الموقف الملكي السامي من آفة التطرف ونتائجه الوخيمة. وهكذا تتساوق هذه التظاهرة مع التوجهات الملكية السامية التي تروم حفظ التراث الإنساني معتبرة ذلك حفظا للسلام. كما ترمي إلى تحسيس الزائر بمعنى التراث المهدد بالخطر، وذلك من خلال معالجة مواقع ذات رمزية متفردة، والوقوف على ظاهرة النهب والتخريب اللذين يهددان التراث العالمي خصوصا خلال المراحل التي تسودها الحروب والصراعات.
يسمح هذا المعرض باكتشاف وإعادة اكتشاف روعة المواقع الأركيولوجية الكبرى التي تقع اليوم بمناطق مهددة مثل باميان و خورسباد و تدمر ومسجد بني أمية بدمشق وقلعة الحصن والتي تعد كلها من التراث الدولي المهدد جراء الصراعات التي تعرفها أفغانستان والشرق الأوسط، وحسب اليونيسكو فإن سوريا لوحدها عرفت تدمير ستة مواقع عالمية والعديد من المواقع الثقافية والأركيولوجية التي تعرضت للنهب ودمرت على مستويات مختلفة.
وتعد هذه المواقع الأربعة التي تم عرضها هامة جدا، لكونها تمثل أربع حضارات مختلفة. شروكين أو قلعة سرجون وهي خورسباد الحالية، مدينة قديمة أسسها الملك سرجون الثاني 706-713 ق-م. تعد من عواصم الامبراطوية الآشورية الجديدة التي تمكنت من السيطرة على معظم الشرق الأوسط في النصف الأول من الألفية الأولى قبل الميلاد. تدمر أو بالمير حاليا، شيدت إبان الألفية الثانية قبل الميلاد في قلب الصحراء عند ملتقى منطقة البحر الأبيض المتوسط من جهة والقارة الأسيوية من جهة أخرى. وعبرها كانت تمر القوافل التجارية في العهد الروماني. الجامع الكبير شيد في العهد الأموي 661-750هـ في قلب دمشق. يعد من أقدم معالم العمران الإسلامي. قلعة الحصن أو قلعة الفرسان تقع غرب سوريا وتعد من أهم نماذج العمارة العسكرية إبان الحروب الصليبية وأحسنها صيانة.
ولإضفاء طابع مغربي على المعرض أضيفت إلى هذه المواقع الخالدة تحف من التراث المعماري المغربي المنتمية إلى مواقع تعود إلى أزمنة الحواضر المذكورة، مثل وليلي وبناصة وشالة وجامع القرويين، وذلك لدعوة الزائر للإطلاع على الحقب نفسها في فضاءات مختلفة. فقامت هذه التحف دليلا على مظاهر التلاقح الثقافي وعراقة الدولة المغربية واستمراريتها وامتداداتها وقدرتها على الانفتاح وتبنيها لإسلام وسطي معتدل.
وهكذا يعتبر المعرض فرصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة بشكل جيد على التراث الدولي الذي يعد موروثا مشتركا للإنسانية. كما يعد مناسبة لتوجيه دعوة إلى الدول الأخرى لتبني أهداف وفلسفة التحالف الدولي للمحافظة على التراث بالمناطق التي تسودها الحروب والصراعات. إننا حينما نهدف إلى المحافظة على التراث فإننا نضع الأسس المتينة لبناء سلام مستدام. فضلا عن ذلك فإن التظاهرة تعد وسيلة لإعادة التفكير في تراثنا الوطني وتنوير الأجيال الصاعدة من أجل صونهم من كل الانحرافات.
المندوبية العامة للمعرض :
بهيجة سيمو، مديرة الوثائق الملكية
جون لوك مارتينيز، الرئيس – مدير متحف اللوفر